خمسون طـرفة ومُلـحة
ا
هذه خمسون طرفة ومُلحة، اخترتها لكم بعناية، واستللتها لكم عن دراية، نزعاً للابتسامة، وطرداً للسآمة، وتخفيفاً عن الروح، وتجديداً لأطوال الوجه، وتمديداً لعضلاته.. فإلى ما اخترته أترككم
*******
- 34 -
الاختصار إلى آدم
كان فتيان من قريش يرمون فرمى واحد منهم، من ولد أبي بكر وطلحة.. فأصاب الهدف
فقال: أنا ابن عظيم القريتين..مكة والمدينة
فرمى آخر من ولد عثمان, فأصاب الهدف فقال: أنا ابن الشهيد عثمان بن عفان
ورمى رجل من الموالي العبيد.. فأصاب الهدف فقال: أنا ابن من سجدت له الملائكة.. فقالوا له: من هو؟.. فقال: آدم
*******
- 36 -
لا داعي للهمز واللمز
كان أعرابيان يطوفان بالبيت، فكان أحدهما يقول: اللهم هب لي رحمتك، فاغفر لي، فإنك تجد من تعذبه غيري، ولا أجد من يرحمني غيرك
فقال الآخر: اقصد في حاجتك ولا تغمز بالناس
*******
- 37 -
الصراحة راحة
قدم رجل من فارس على صاحب له، فسأله صاحبه: قد كنت عند الأمير، فأي شيء ولاّك؟ فأجاب الرجل: ولاّني قفاه
*******
- 38 -
زوجة نحوي
جرى بين أبي الأسود الدؤلي وبين امرأته كلام في ابن لها منه وأراد أخذه منها.. فسارت إلى زياد وهو والي البصرة، فقالت المرأة: أصلح الله الأمير ، هذا ابني كان بطني وعاءه، وحجري فناءه، وثديي سقاءه، أكلؤه إذا نام، وأحفظه إذا قام، فلم أزل بذلك سبعة أعوام حتى إذا استوفى فصاله، وكملت خصاله، واستوكعت أوصاله، وأملت نفعه، ورجوت دفعه، أراد أن يأخذه مني كرها، فآدني أيها الامير ،فقد رام قهري، وأراد قسري
فقال أبو الأسود: أصلحك الله، هذا ابني حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه، وأنا أقوم عليه في أدبه، وانظر في أوده، وأمنحه علمي ، وأُلهمه حلمي، حتى يكمل عقله، ويستحكم فتله
فقالت المرأة: صدق ، أصلحك الله، حمله خِفاً، وحملته ثِقلاً، ووضعه شهوة، ووضعته كرهاً
فقال زياد: اردد على المرأة ولدها فهي أحق به منك، ودعني من سجعك
*******
- 40 –
جزاك الله خيراً
قيل: إن الحسن بن عبدالله الجصاص الجوهري كان يُنسب إلى الحمق والبَلَه، فقال يوماً: اللهم امسخني حورية، وزوجني بعمر بن الخطاب
فقالت له زوجته: سل الله أن يزوجك من النبي صلى الله عليه وسلم إن كان لابد لك أن تبقى حورية
فقال : ما أحب أن أكون ضرة لعائشة رضي الله عنها
*******
- 41 -
أنف الصديق
قال احدهم واصفا انف صديق له
:
ان كان في آية لله معتبر
فأنت معتبر في كل انسان
جسم نحيف وأنف قد جفا عظما
كأنه جبل في رأس ثعبان
لو كان فرعون اذ رام السماء سما
فيه لأغناه عن تشييد هامان
اذا انبرى لعيون الناس لاح لهم
رأس بمصر وأنف في خراسان
*******
- 42 -
كيف السؤال
سأل رجل من الشعراء رجلا من المتكلمين بين يدي المأمون، فقال: ما سنك؟
قال: عظم
قال: لم أرد هذا، ولكن كم تعدَّ؟
قال: من واحد إلى ألف ألف وأزيد
قال: لم أرد هذا، ولكن كم أتى عليك؟
قال: لو أتى علي شيء لأهلكني
فضحك المأمون.. فقيل له: كيف السؤال عن هذا؟
فقال: أن تقول: كم مضى من عمرك
*******
- 43 -
الفرس واللجام
قال أبو عبيدة: أجريت الخيل فطلع منها فرسٌ سابق ، فإذا رجلٌ من النظّارة يكرّ ويثب من الفرح
فقال له رجل إلى جنبه : يا فتى! هذا الفرس فرسك؟
قال : لا ،ولكنّ اللجام لجامي
*******
- 44 -
العارف بالأنساب
رفع رجلٌ من العامة ببغداد إلى بعض ولاتها على جار له أنّه يتزندق ،فسأله الوالي عن قوله الذي نسبه به إلى الزندق
فقال: هو مرجى قدرىّ ناصبيّ رافضى ،من الخوارج، يبغض معاوية بن الخطاّب الذي قتل علىّ بن العاص
فقال له ذلك الوالي: ما أدرى على أي شيء أحسدك؟ أعلى علمك بالمقالات ،أم على بصرك بالأنساب
*******
- 46 -
نسيــان
قال عبد الرحمن بن أبي الزّناد: قلت لأشعب: أنت شيخ كبير ، فهل رويت شيئاً من الحديث؟
قال: بلى! حدثني عكرمة عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : خصلتان من حافظ عليهما دخل الجنة. قلت : وما هما؟
قال : نسيت أنا واحدة ، ونسى عكرمه الأخرى
*******
- 47 -
تشـاؤم
كان بعض أمراء خراسان يتشاءم بالحول، فمتى رأى أحول ضربه بالسّياط ، وربما ضرب بعضهم خمسائة سوط ، وحدث أنه ركب في بعض الأيام ، فرأى أحول فأمر بضربه ، وكان الأحول جلداً ، فلما فرغ من ضربه ، قال له : أيها الأمير! أصلحك اللّه ، لم ضربتني؟ قال : لأني أتشاءم بالحول. قال : فأينا أشدّ شؤماً على صاحبه ، أنت رأيتني ولم يصبك إلاّ خير ، وأنا رأيتك فضربتني خمسائة سوط ، فأنت إذا أشد شؤماً. فاستحيا منه ولم يضرب بعده أحداً
*******
- 48 -
أبــو محمد
وقع بين الأعمش وبين امرأته وحشة، فسأل بعض أصحابه من الفقهاء أن يرضيها ويصلح بينهما، فدخل إليها وقال: إن أبا محمد شيخ كبير فلا يزهدنك فيه عمش عينيه، ودقة ساقيه، وضعف ركبتيه، ونتن إبطيه، وبخر فيه، وجمود كفيه، فقال له الأعمش: قم قبحك الله فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه
*******
- 49 -
المنـاظرة
فى وفيات الأعيان 4/269 في ترجمة الباقلاني
وكان كثير التطويل في المناظرة مشهورا بذلك عند الجماعة ، وجرى يوما بينه ، وبين أبي سعيد الهاروني مناظرة ، فأكثر القاضي أبو بكر المذكور فيها الكلام ، ووسع العبارة ، وزاد في الإسهاب ، ثم التفت إلى الحاضرين ، وقال: اشهدوا علي أنه إن أعاد ما قلت لا غير لم أطالبه بالجواب !
فقال الهاروني: اشهدوا علي أنه إن أعاد كلام نفسه سلمت له ما قال
*******
- 50 -
الذي لم يأكل
قال أبو كعب القاصّ في قصصه إن اسم الذئب الذي أكل يوسف كذا وكذا ،قالوا له :فإن يوسف لم يأكله الذئب ،قال :فهذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف
*******
وبعد ..
فهذه خمسون، قطفتها لصدوركم، وبثثتها لأرواحكم، نشراً للأنس، وطرداً للهم.. فمن كان يريد أن يتممها أكثر فله ذلك، شريطة أن تكون من تراثنا الفصيح، مبتعدة عن الثلب والتجريح، أو الإسفاف والقبيح
_________________